تمكين ناعم أم كسب ود؟.. باشاغا يدمج الميليشيات في مفاصل الدولة الليبية
بخطة تعدها حكومته لدمج تلك الميليشيات في المؤسسات المختلفة وبناء مشاريع منتجة مقابل التخلي عن السلاح، أعلن رئيس الحكومة الليبية الجديدة «فتحي باشاغا» عن دمجهم داخل مؤسسات الدولة للعمل تحت رقابتها، من أجل الاستقرار في ليبيا، وعدم السعي لإشعال الحرب، إذ ليست تلك هي المرة الأولى التي يتم الإعلان فيها عن دمج الميليشيات داخل المؤسسات الليبية، بل سبقتها محاولات عدة كان آخرها ما أعلنه رئيس حكومة الوحدة الوطنية «عبد الحميد الدبيبة» أغسطس 2021.
دمج الميليشيات
وجه رئيس الحكومة الليبية الجديدة «فتحي باشاغا»، كلمة إلى الشعب الليبي، مؤكدًا على ضرورة الاستقرار في ليبيا وعدم السعي لإشعال الحرب، لافتا إلى أن بلاده لم تكن دولة منذ 2011، منوهًا إلى أن اختيار الحكومة وتعيينها تم بطريقة شفافة واتفاق وتوافق بين مجلسي النواب والدولة.
وفيما يتعلق بمحاولات دمج الميليشيات والمجموعات المسلحة في الداخل الليبي، للعمل تحت غطاء الدولة ومؤسساتها، أكد رئيس الحكومة الليبية الجديد «باشاغا»، على وجود خطة تعدها حكومته لدمج تلك الميليشيات في المؤسسات المختلفة وبناء مشاريع منتجة مقابل التخلي عن السلاح، مشددًا على أنه لن يسمح بتوجيه البنادق إلى الدولة.
وعن وجود انقسامات داخل صفوف الميليشيات المسلحة، ففي الغرب الليبي، انقسمت الميليشيات المسلحة بين صف مؤيد لرئيس حكومة الوحدة الموقتة عبد الحميد الدبيبة، وآخر داعم لرئيس الوزراء الجديد فتحي باشاغا، حيث باركت عدة مجموعات تنشط في المنطقة الغربية وجبل نفوسة، موقف البرلمان واختياره باشاغا للحكومية الجديدة، قائلة إنها على جاهزية تامة لتنفيذ المهام المنوط بها لدعمها.
ويضم معسكر باشاغا أكثر من 36 مجموعة مسلحة، منها «ثوار طرابلس، والمجموعة 166 التابعة لمحمد الحصان، والمشاة الآلية 210، وقوة الفوار المقاتلة، وقوة مكافحة الإرهاب المدعوة من المرشح الرئاسي أحمد معيتيق، وأيضا قوة الردع الخاصة»؛ كما تأتي مجموعات أخرى مثل «كتيبة شهداء جنزور، وكتيبة 212، والكتيبة 42، وكتيبة حماية زوارة، والكتيبة 301 مدرعات»، ومجموعات أخرى تنضوي تحت ما يسمى بـ«منطقة طرابلس العسكرية»، وأيضًا «المجلس العسكري لمدينة مصراتة».
وبيّن «باشاغا» أن لديه خلفية عسكرية ويعلم ما هي الحرب؛ حيث وجه نصيحة لجموع الليبيين، بألا يتمنوا الحرب ولا يُشعلوا نار الفتنة، فالحرب سهل إشعالها وليس من السهل إطفاؤها، قائلًا: «أؤكد لكل الليبيين على دخول العاصمة بقوة القانون وليس بقانون القوة؛ وسنتوجه الى العاصمة في اليومين القادمين»، مشيرًا إلى أن حكومته ليست موازية، وهي حكومة ليبية لكل البلاد شرقًا وغربًا وجنوبًا.
ويرى المراقبون أن من بين العراقيل التي تواجه مشروع دمج واستيعاب الميليشيات، هو تورط عدد كبير من المسلحين في جرائم ضد المدنيين، وضد مؤسسات الدولة، وتمكنهم من الإفلات من العقاب خلال السنوات الأخيرة، ووجود متورطين في الإرهاب، وفي الحرب ضد الجيش ومؤسسات الدولة بالمنطقة الشرقية والجنوب، في صفوف تلك الميليشيات، منوهين إلى أن الميليشيات التي تسعى الحكومة لدمج عناصرها، يصل عددها إلى أكثر من 300 مجموعة مختلفة الحجم والتسليح، والمرجعيات الأيديولوجية والجهوية والمناطقية والقبلية، حيث منها ما هو متطرف مرتبط بجماعة الإخوان، والجماعة المقاتلة، وما يحمل هويات عرقية، كالمكون الأمازيغي، وما يتحرك بخلفيات جهوية، وينتمي إلى العاصمة طرابلس، ومدن مصراتة والزنتان والزاوية وصبراتة، وكثير منها يتبع وزارتي الداخلية والدفاع، بعد دمجه من قبل المجلس الرئاسي السابق، ويحصل على رواتب من الدولة، لكنه غالبا ما لا يتقيّد بأوامرها.
ليست الأولى
وليست الخطة التي أعلن عنها «باشاغا» لدمج الميليشيات في مؤسسات الدولة هي الأولى من نوعها، حيث سبقتها محاولات عدة، كان آخرها من قبل رئيس حكومة الوحدة الوطنية «عبد الحميد الدبيبة»، الذي أعلن في أغسطس 2021، عن دمج الميليشيات المسلحة في مؤسسات الدولة، وأصدر في رسائل توجه بها إلى وزراء الداخلية، والاقتصاد والتجارة، والعمل والتأهيل، والتعليم العالي، والشباب، تعليماته بشأن ضرورة عقد اجتماعات تقابلية بين الإدارات المختصة بوزاراتهم الخمس، ولجنة تنظيم واستيعاب ودمج ما سماها بالقوة المساندة، للبناء على مخرجات عملها، واستيعاب الفئات المستهدفة في مؤسسات الدولة، بما يتوافق مع قدراتهم ورغباتهم.
لجنة متابعة وتنظيم القوات المساندة برئاسة اللواء محمد شابون، التي تشكلت نهاية 2020 من قبل وزير داخلية الوفاق «فتحي باشاغا» آنذاك، تنفيذاً لدعوات أممية ودولية، لإيجاد إطار قانوني لحل الميليشيات، وجمع سلاحها، وإعادة إدماج عناصرها ممن تتوفر فيها الشروط الضرورية في مؤسسات الدولة، وفق مؤهلات كل فرد منها، حيث عرضت وفق المكتب الإعلامي لحكومة الدبيبة، برنامج عملها لاستيعاب القوات المساندة (الميليشيات)، في مؤسسات الدولة، العسكرية والشرطية، والمدنية، والذي لا يقتصر على منطقة دون غيرها. كما قامت اللجنة بعرض نتائج استبيان أجري لما يناهز 11 ألف شخص، من الفئات المستهدفة في كافة مناطق وربوع ليبيا، والتي تم فيه حصر بياناتهم، ورغباتهم ومقدراتهم، ومدى اتفاقها مع هذه الرغبات.
وكانت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) وقعت في أكتوبر 2021، اتفاقًا للوقف الفوري لإطلاق النار، نص على إخلاء جميع خطوط التماس من الوحدات العسكرية والمجموعات المسلحة، بإعادتها إلى معسكراتها، بالتزامن مع خروج جميع المرتزقة والمقاتلين الأجانب من الأراضي الليبية، براً وبحراً وجواً، في مدة أقصاها ثلاثة أشهر.
ويعتبر نزع سلاح الميليشيات وإعادة دمج أفرادها في المجتمع، من أهداف الأمم المتحدة، التي تنخرط أكثر فأكثر مع الجماعات المسلحة في بيئات مهام معقدة، حيث أصبح موظفو نزع السلاح والتسريح وإعادة الإدماج، والحد من العنف المجتمعي، أول موظفي الأمم المتحدة المنتشرين على الأرض، مع تفويض وخبرة للتعامل مباشرةً مع المقاتلين. لذلك، يُطلب منهم تقديم المشورة، بشأن كيفية التعامل مع الجماعات المسلحة، والمساهمة في نهاية المطاف في توقيع اتفاق.
للمزيد: بتسليم آمن.. حكومة باشاغا تمارس مهامها في طرابلس بعد منحها ثقة النواب





